تونس بين مطرقة إصلاح الإدارة و تطوير الاقتصاد المنهكين و مطرقة المعارضة الراديكاليكية المشتتة ياسين فرحاتي - كاتب من تونس لا أزال بكل ثقة و عزم لا يلين في نفس النهج الذي إختطه لنفسي منذ سنوات و هو النصح لولاة الأمور بالتي هي أحسن لأنها رسالة الكاتب المخلص لوطنه خصوصا إذا إدلهمت الأمور و إستعصت عن الفهم لأن السياسة كما يقول الفيلسوف الأنجليزي هوبس في كتابه التنين le léviathan " معرفة علمية لأنها بالأساس عقلنة للمجتمع و تنظيم للحياة الإنسانية على أساس حماية الحقوق الطبيعية للإنسان. " ( المجلة التونسية للدراسات الفلسفية عدد 44-45-السنة 2009 ، العلاقة بين الدين و السياسة عند هوبس من خلال كتابه التنين - رضا عزوز ). و السياسة في وطننا خاصة و في عالمنا العربي عامة مستنقع مليء بالأوحال و يمكن الرجوع إلى ما قالة العلامة إبن خلدون عنها و قد كنت كتبت في أحد مقالاتي السابقة عنها وصفا دقيقا من ذلك أن غاية الملوك و السلاطين و الرؤساء هي " لي أعماق العلماء و الفلاسفة و المصلحين " بسبب وشاية من البطانة الفاسدة و للحاكم بطانتان واحدة صالحة و أخرى فاسدة فالأول تشير إلى فعل الخيرات بما في ذلك العدل الذي هو أساس الملك و به صلاح العمران و الثاني يميل نحو الشر كالدسائس و المكائد و المآمرات. يذكرني مسار الرئيس قيس سعيد في هذه الفترة بالذات عندما عين السيد أحمد الحشاني بفترة حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي عندما كان السيد محمد الغنوشي خريج المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا وزيره الأول و قد تولى الأخير إدارة البلاد اقتصاديا و هيكلة الإدارة التونسية و كلاهما وجهان لعملة واحدة و يسيران بالتوازي و قد وصف الرجل كونه كفوؤا لكنه لا يتدخل كثيرا في دواليب السياسة التي كان يقودها إبن علي و مستشاراه عبد العزيز بن ضياء و عبد الوهاب عبد الله. السيد الحشاني يبدو أنه عديم الخبرة بمجال السياسة و لم يسبق له أن تولى منصبه سياسيا من قبل و هذا ليس عيبا و لا إنتهى إلى أي حزب أيضا لكنه قد يكون على دراية بالعمل الإداري و هي مهمة و لا أصعب منها. فهو قد تولى الحقيبة بعد أن أنهت السيدة نجلاء مهمتها و يصعب الحكم على فترة حكمها كونها أول إمرأة تونسية و عربية تترأس حكومة في طور انتقالي حرج جدا . المهمة الأولى الموجودة إلى الخبير المالي السيد الحشاني هي تطهير الإدارة و هو شعار فيه الكثير من التحديات على لفترة حددها رئيس الدولة هي جانفي 2011، و إلى غاية الآن بمراجعة و تدقيق المناظرات التي في ضوئها وقع إنتداب 100 ألف موظف بالإدارة التونسية، مما أحدث شبه شلل لمختلف مرافقها لأن عديد الإنتدابات كانت مبنية على ولاءات سياسية و محاباة و الأخطر من ذلك هو غياب الكفاءة حتى قيل إن الآلاف من الشهائد مزورة ، بينما بقي أصحاب الشهائد العلمية العليا في حالة بطالة و هذا هو المؤسف حقا و هو من المبكيات المضحكات ، هذا إلى جانب الترقيات العشوائية للبعض. الرئيس سعيد مصمم على الشروع في هذه العملية مع توفير الوسائل الضرورية لدعم خطته لل" إصلاح "و كلمة إصلاح أعم و أشمل في تقديري و أكثر تهذيب من كلمة تطهير التي تحمل معنى طرد تعسفي و يخشى البعض من حدوث عمليات فرز لربما على أساس سياسي يستثني موظفين إنخرطوا في حزب بعينه هو اليوم محل مساءلة سياسية و قانونية و معظم أعضاءه قد تم سجنهم أو قيد الإقامة الجبرية و شخصيا أرى أن الرأي العام ينتظر خطوة بعينها و يود معرفة الحقيقة في هذا الملف الخطير و الهام جدا و نأمل أن يرى الإصلاح الحقيقي النور في كنف الشفافية و العقلانية و الموضوعية و بعيدا عن كل اعتبارات إيديولوجية و حزبية و أحقاد. بعد إيداع الهاروني رئيس مجلس شورى حركة النهضة السجن و كذلك نائب رئيس الحركة الونيسي تتجه الأمور إلى حل الحركة بعد النائبة المسدي إلى ذلك و هو ما يزيد الوضع أكثر فأكثر احتقانا و ضبابية بعد دعوات الناشط السياسي المعروف عبو إلى إسقاط الرئيس سعيد رغم خلافات الحادة و المعروفة مع النهضة و شخصيا أرى أن الوضع ينذر إذا ما تواصل باضرابات جوع و بصدامات حقيقية تذكرنا بالسنوات القليلة التي سبقت الثورة لأنه لا يمكن الاطمئنان إطلاقا إلى مزاج الشعب التونسي و مهما كان عدد الأنصار و الموالين للحاكم . فحتى الإنتخابات مهما كانت ديموقراطية و شفافة ليست ضمانا و سببا مشروعا لكي يكون الرئيس في راحة بال من أمره. الآن الوضع الاقتصادي غير مريح بالمرة رغم المجهود التي تبذل لدفع الإستثمار في الجهات حيث تعقد ندوات عديدة في الغرض إلا أن المقدرة الشرائية للمواطن في تدهور و التضخم سيد الموقف و البطالة في صفوف الشباب مستفحلة بشكل كبير و الهجرة غير النظامية في وتيرة متباعدة في عديد المناطق و إذا ما تواصل الوضع هكذا لا أحد يمكن أن يتوقع أخبارا سارة بعد أن يكون الكثير من الناس قد فقد الأمل في التغيير الحقيقي. ب





